صنيف النوع وتطوره
جلد الفهد.
تنتمي الفهود لجنس "ثابتة المخالب" (باللاتينية: Acinonyx)، وهي الممثل الوحيد له في العصر الحالي، وسبب إطلاق اسم الجنس هذا على الفهود هو أن مخالبها ثابتة لا يُمكن غمدها كما باقي السنوريات، الأمر الذي يجعل أقدامها أكثر شبهًا بأقدام الكلب.[12] أما اسم النوع فلاتيني الأصل ويُقصد به "الأعرف" أو "ذي العرف" (باللاتينية: jubatus)، وهو يرمز إلى عرف جراء الفهد الذي يستمر بارزًا حتى بلوغها. أطلق عالم البيئة الألماني "يوحنا كريستيان ڤون شريبر تسمية " Felis jubatus" الثنائية على الفهود أساسًا، وذلك في سنة 1775، قبل أن تُعطى تسميتها الحالية "Acinonyx jubatus" في سنة 1828 بعد أن أظهرت الدراسات خصائصها التشريحية المختلفة عن خصائص السنوريات الأخرى المنتمية لجنس القط (باللاتينية: Felis). غالبًا ما يُخطئ الناس من غير أهل الاختصاص ويفترضون بأن الفهود تُصنف في مجموعة السنوريات الكبرى إلى جانب الأسود والببور والنمور واليغاور ونمور الثلج، إلا أن هذا بعيد عن الصحة، ذلك أن السنوريات سالفة الذكر تتشارك في خصائص عديدة لا يُعثر عليها في الفهود، لعلّ أبرزها هو قدرتها على الزئير والزمجرة، الأمر الذي لا تستطيعه الفهود، وعوضًا عن ذلك تمتلك الأخيرة عظمة تحتلسانية كما في السنوريات الأصغر حجمًا تساعدها على الخرخرة.[13]
تعاني الفهود عادةً من نقص في تنوع مورثاتها، ومن رداءة سائلها المنوي وقلّة حيواناتها المنوية وبطأ حركتها وتشوّه سوطها.[14] وما يُفيد بصحة هذا القول هو التجارب العديدة التي أجريت على أعداد كبيرة من هذه الحيوانات، حيث زُرع للبعض منها قطع من الجلد أحضرت من فهود أخرى لا ترتبط بها برابطة الدم، وكانت النتيجة أن نجحت تلك العمليات دائمًا ولم يرفض المضيف العضو الغريب، مما يدل على أن جميع الفهود تبدو وكأنها أشقاء عوضًا عن أفراد غريبة عن بعضها البعض. يفترض العلماء أن السبب وراء هذا الأمر هو التناسل الداخلي الذي جرى طيلة سنوات وعقود طويلة خلال العصر الجليدي الأخير والحقبة التي تلته، وتقول هذه النظرية أن الأكثرية الساحقة من الفهود على وجه البسيطة نفقت بسبب التقلبات المناخية في العصر الجليدي الأخير، ولعلّ قلة قليلة جدًا منها نجت واستمرت بالتناسل حتى وصل حالها إلى ماهو عليه اليوم. يُعتقد أن الفهد نشأ وتطور في أفريقيا خلال العصر الميوسيني (منذ 26 حتى 7.5 ملايين سنة)، ومن ثم هاجر إلى آسيا، وفي دراسة حديثة أجراها فريق من العلماء من مختبر التنوع الوراثي التابع لمعهد أبحاث السرطان الوطني في مدينة فرديريك بولاية ماريلاند بالولايات المتحدة، تبين أن سلف جميع الفهود الباقية اليوم كان يعيش في آسيا منذ 11 مليون سنة، الأمر الذي جعل العلماء ينكبون على مراجعة وتشذيب الأفكار السائدة حول تطور هذه الحيوانات.
كان العلماء يعتقدون سابقًا أن الفهود أكثر السنوريات بدائيةً وأقدمها نشأةً، وأنها تطورت منذ حوالي 18 مليون سنة، أما الأبحاث الحديثة فتفترض أن السلف الأخير المشترك لجميع الأنواع الباقية من السنوريات عاش خلال فترة أحدث من ذلك بكثير، وبالتحديد منذ قرابة 11 مليون سنة. وقد أظهرت نفس الأبحاث أن الفهود بالذات وعلى الرغم من أنها ذات خصائص تشريحية مختلفة تميزها عن باقي السنوريات، إلا أنها لا تمتلك سلفًا قديمًا محددًا، فكل ما يظهر حتى الآن من سجل المستحثات يدل على أنها انشقت عن أقرب أنسباؤها، أي الكوجر (Puma concolor) اليغورندي (Puma yaguarondi)، منذ حوالي 5 ملايين سنة، وأنها لم تتغير بشكل ملموس منذ ذلك الحين.[15][16] للفهود 38 صبغية كمعظم السنوريات، 13 منها متطابقة كليًا مع تلك الخاصة بأنواع أخرى وبشكل خاص أسود الجبال اليغورندي.[17] يفترض العلماء أن بعض جمهرات سلف هذه السنوريات الذي تبين أنه آسيوي النشأة، عبرت إلى أمريكا الشمالية عبر مضيق بيرينغ خلال إحدى العصور الجليدية الأولى عندما اتصلت آلاسكا بروسيا بفعل انخفاض مستوى البحر، وقد انعزلت تلك الجمهرات في أمريكا الشمالية بعد أن عادت مستويات المياه لترتفع مجددًا وتفصل بين القارتين، وقد أظهرت دراسة الحمض النووي للمتقدرات أن سلف هذه السنوريات الثلاث كان يعيش في أمريكا الشمالية منذ حوالي 8.25 مليون سنة،[18] وخلال الفترة التي امتدت بين 6.9 إلى 6.7 ملايين سنة، انشقت أسود الجبال واليغورندي عن بعضها البعض وتطور كلاً منها ليُشكل نوعًا مستقلاً بذاته.[19] ومنذ قرابة 4.9 ملايين سنة انشقت أسلاف الفهود المعاصرة عن السلف المشترك وتطورت لتُشكل جنسًا خاصًا بها، وقد أظهرت المستحثات أن تلك الحيوانات عاشت في الأراضي التي تُشكل اليوم ولايات نيڤادا وتكساس ووايومينغ بالولايات المتحدة.[20] عادت أسلاف الفهود لتعبر مضيق بيرينغ من جديد خلال الفترة الممتدة بين 4 ملايين ومليون سنة وصولاً إلى آسيا فأفريقيا حيث بقيت وتطورت لتصبح بشكلها الحالي.[19][21] ظهرت الفهود المعاصرة منذ ما يُقارب 200,000 سنة، واستمرت تزدهر في نواح عديدة من أفريقيا وآسيا وأوروبا حتى الفترة الممتدة بين 12,000 و 10,000 سنة، أي خلال العصر الجليدي الأخير،[20] فخلال هذه الفترة انقرض حوالي 75% من الثدييات على وجه الأرض، وكادت الفهود أن تكون بينها لولا أن استطاعت ثلة قليلة العدد منها أن تنجو وتتناسل وتعيد إكثار بني جنسها.[17][21]