التسمية
يُشتق اسم "فهد" باللغة العربية من كلمة "فَهْدَ"، ويعني: الثقيل النوم، المتغافل عن واجباته، الشديد الغضب، وذي الوثبات البعيدة.[9] وصفت امرأة من العرب زوجها بعد سؤالها عنه فقالت: "إنْ دخل فَهِدَ، وإنْ خرج أسِدَ، ولا يسأل عمَّا عَهِدَ"، أي: أنَّه يتعامل معها بلين وسكون حين يكون معها في البيت لذا شبّهته بالفهد الذي يوصف بكثرة النوم، فيُقال: "أنوم من فهد"، وهو كالأسد إذا خرج لمواجهة أعدائه، ويحرص على الوفاء والالتزام وحفظ العهود. ولعلّ السبب الذي دفع العرب لتطلق هذا الاسم على تلك الحيوانات هو بيئة شبه الجزيرة العربية وطبيعة الفهود ذاتها، ففي شبه الجزيرة حيث الطقس حار، تميل معظم السنوريات إلى الخمول والنوم معظم ساعات النهار الأكثر حرًا لتقتصد في مخزون طاقتها الذي تحتاجه في الصيد، وبما أن الفهود أسرع تلك السنوريات، فإنها تتفادى الإرهاق أكثر من غيرها كي تستطيع العدو وراء فرائسها في تلك البيئة الحارة، حيث يمكن لأي كائن حي سريع الأيض أن ينفق بسهولة جرّاء الإرهاق. وبما أن الفهود كانت من أصغر وأضعف السنوريات في شبه الجزيرة العربية، فلعلها كانت شديدة العدائية، بشكل واضح أكثر من الأسود والنمور، وذلك كي تستطيع الدفاع عن طرائدها التي يصعب عليها صيدها في تلك الأنحاء من العالم، بسبب عدم قدرتها على العدو بشكل متواصل في ساعات النهار، وبسبب تناثر الفرائس وندرتها في الكثير من الأماكن.
يُطلق الكثير من الناس اليوم على هذه الحيوانات اسم "الفهد الصيّاد" باللغة العربية، وذلك يعود إلى الاختلاط الذي حصل بين اللغة العربية والفارسية في العصور الوسطى وجعل العامّة يخلطون بين الببر والنمر والفهد، فكلمة "ببر" تعني في الواقع "نمر" باللغة الفارسية، أما "نمر" في العربية فهي صفة تطلق على الحيوان "الأنمر" أي ذي النُمر أو العلامات،[3] والعرب لم يعرفوا حيوانًا "أنمر" سوى النمر الأرقط الذي كان يعيش في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، أما الببر فلم يعرفه العرب إلا عند فتح العراق وإيران، وعندها اقتبسوا اسمه الفارسي من سكان تلك البلاد. وخلال العصر الذهبي للإسلام دوّن العلماء الفرس اسم هذه الحيوانات باللغة المحلية، وكذلك فعل العلماء العرب، فعلى الرغم من أن الببر حيوان "أنمر" أي ذو علامات على جسده، إلا أنهم استعملوا اسمه الفارسي كي لا يحصل لغط بين الحيوانين،[10] أما العامّة من الناس فاستمرت بإطلاق لفظ "نمر" على هذه الحيوانات للإشارة إلى هيئتها، وبهذا استمر اللغط بين الحيوانين حتى اليوم. وبالنسبة للفهد، فقد عاش أيضًا في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وعرفته العرب بهذا الاسم منذ القدم، وأطلقت عليه أيضًا اسم "النمر الصياد" بما أنه أيضا حيوان أنمر وكان يُستأنس ويُستخدم في الصيد،[2] وبسبب الاختلاط الحاصل أصلا بين النمر والببر فقد استمر الكثير من الناس بإطلاق اسم نمر على الببور، فهد على النمور، وفهد صياد على الفهود، واستمر هذا الأمر لفترة طويلة بعد اضمحلال الحضارة الإسلامية العربية وأصبح راسخًا عند كثير من الناس بسبب عدم بروز علماء أو أدباء ومترجمين عرب لتصحيح هذا الأمر طيلة عهد الدولة العثمانية، أي قرابة 400 سنة.
يُطلق البعض على هذه الحيوانات اسمًا آخرًا أيضًا هو الاسم ذاته الذي يُطلق عليها في عدد من اللغات الأخرى مثل الإنگليزية، الأوردية، الإندونيسية، البنجابيّة، والتركية، وهو "چيتا"، وهذا الاسم سنسكريتي الأصل مشتق بدوره من كلمة "چيتا - चीता" الهندية، التي تعني "الجسد المبرقش".[11] تتشابه أسماء هذه الحيوانات في العديد من اللغات الأوروبية، كما في الفرنسية "Guépard - گيپار"، الألمانية "Gepard - گيپارد"، الإسبانية "Guepardo - گيپاردو"، المجرية "Gepárd - گيپارد"، الرومانية "Ghepard - غيپارد"، وكثير غيرها؛ وجميع هذه الأسماء مُشتقة من الاسم اللاتيني لهذه الحيوانات الذي أطلقه عليها الرومان في القدم، وهو "Gattus pardus" (نقحرة: گاتوس پاردوس)، بمعنى "السنّور المرقط".