الهجمات على القوارب
نادراً ما تُهاجم القروش البيضاء الكبيرة القوارب المائية، لكن أحياناً عندما تُهاجم يُمكنها أن تصل إلى درجة إغراق القوارب. توجد 5 حالات فحسب من بين الهجمات الـ108 المسجلة للقروش البيضاء على سواحل المحيط الهادئ خلال القرن العشرين استهدفت فيها القروش المُهاجمة قوارب كاياك، [58] كما أنه في بعض الحالات الأكثر ندرة حدثت الهجمات على قوارب يَصل طولها إلى 10 أمتار، إذ يَقفز القرش من الماء إلى القارب ويرتطم بالناس الواقفين عليه غالباً عندما يفعل ذلك، وعادة ما يُهاجم القارب من مؤخرته. في إحدى الحالات التي سُجلت عام 1936 لمثل هذه الحوادث قفز قرش أبيض ضخم بكامل جسده إلى قارب صيد صغير في جنوب أفريقيا، وارتطم بأحد رجال الطاقم فأوقعه في الماء. وتشير بعض الأبحاث العلمية إلى أن سبب انجذاب القروش هذا نحو القوارب هو المجالات الكهربائية التي تولّدها.[59]
في الأسر
قرش أبيض كبير في معرض حوض خليج مونتيري خلال شهر سبتمبر من عام 2006.
يُلاحظ أنه لم يسبق لقرش أبيض كبير أن استطاع البقاء حيًا في الأسر لفترة تزيد عن 11 يومًا، طيلة الفترة السابقة لشهر أغسطس من عام 1981، ثم حصل أن تمكن أحد القروش في ذاك الشهر من الاستمرار على قيد الحياة لفترة 16 يومًا، وكان ذلك في منتزه الحياة البحرية في مدينة سان دييغو الأمريكية، وقد أُُطلق سراح الحيوان بعد ذلك.[60] كان معرض حوض خليج مونتيري الواقع في المدينة حاملة نفس الاسم، بولاية كاليفورنيا الأمريكية، كان يأوي قرشًا أبيضًا كبيرًا عند افتتاحه عام 1984، وقد نفق الحيوان بعد عشرة أيام فقط من الافتتاح، وفي شهر يوليو من عام 2003، أمسك بعض العلماء بقرش أنثى يافعة، واحتفظوا بها في حظيرة مائية بالقرب من مدينة ماليبو طيلة 5 أيام، وقد تمكنوا من جعلها تقتات قبل أن يُطلقوا سراحها، فكانت تلك إحدى الحالات النادرة التي استجاب فيها أحد هذه الحيوانات لأسلوب الحياة في الأسر.[61] يُعتبر شهر سبتمبر من عام 2004 بمثابة نقطة التحول لعلاقة القروش البيضاء الكبيرة بالأسر، فقد تمكن معرض أحواض ماليبو من الاحتفاظ بأثنى يافعة قُبض عليها قبالة سواحل مدينة ڤينتورا، في حوض خارجي ضخم بلغت سعته 3,800,000 ليتر (1,000,000 غالون أمريكي) من الماء، وذلك لمدة 198 يومًا، قبل أن يُطلق سراحها في شهر مارس من عام 2005، وقد استمر العلماء يتتبعونها طيلة 30 يومًا بعد إطلاقها.[62] عاد معرض الأحواض ليحصل على ذكر يافع بتاريخ 31 أغسطس سنة 2006، قُبض عليه بالقرب من خليج سانتا مونيكا،[63] وكانت أولى وجباته في الأسر عبارة عن شريحة سلمون ضخمة في 8 سبتمبر من نفس العام، وقد قُدّر طوله حينها بحوالي 1.72 مترًا (68 إنشًا)، ووصل وزنه إلى قرابة 47 كيلوغرام (100 رطل). أُُطلق سراح هذا القرش في 16 يناير سنة 2007، بعد أن أمضى في الأسر زهاء 137 يومًا.
قرش أبيض كبير في موئل مثالي بالقرب من جزيرة گوادالوپيه المكسيكية. يُصعب في العادة تأمين أحواض بالخصائص الملائمة لهذه الأسماك، لذا فإنها لا تطيق الأسر ولا تتحمله غالبًا.
بالإضافة إلى الأسماك سالفة الذكر، استضاف معرض حوض خليج مونتيري قرشًا أبيضًا ثالثًا، طيلة 162 يومًا، وبالتحديد من 27 أغسطس سنة 2007 حتى 5 فبراير سنة 2008، وعندما فُحص عن كثب تبيّن أنه ذكر يافع يصل طوله إلى 1.4 أمتار (4 أقدام و 7 إنشات)، ويزن 30.6 كيلوغرامات (67 رطلاً). وقد نما خلال هذه الفترة التي أمضاها في الأسر بشكل ملحوظ، فقد ازداد طوله حتى وصل إلى 1.8 أمتار (5 أقدام و 11 إنشًا)، ووزنه إلى 64 كيلوغرامًا (140 رطلاً). كذلك، حصل المعرض على أنثى يافعة أخرى بتاريخ 27 أغسطس من نفس العام، وقد عُرضت في الحوض الخارجي، لكنها لم تُقدم على الاقتيات سوى مرة واحدة فقط، فوُسمت وأُُطلق سراحها في السابع من سبتمبر. أيضًا تم إمساك أنثى يافعة أخرى بالقرب من ماليبو بتاريخ 12 أغسطس سنة 2009، وعُرضت في الحوض الخارجي قبل أن يتم إطلاق سراحها في الرابع من نوفمبر،[64] وقد أضاف المعرض قرشًا جديدًا إلى مجموعة أسماكه في 31 أغسطس سنة 2011، قُبض عليه قبالة ساحل ماليبو.
لعلّ أشهر القروش البيضاء الكبيرة التي أُُسرت، كانت الأنثى المعروفة باسم "ساندي"، التي بلغ طولها 2.4 أمتار (7.9 أقدام)، وكان قد أُُمسك بها في شهر أغسطس من عام 1980، لتُصبح أوّل قرش أبيض كبير يأويه حوض ستاينهارت التابع لأكاديمية العلوم في كاليفورنيا، الواقعة بمدينة سان فرانسيسكو. أُُطلق سراح هذه الأنثى بعد وقت قصير من أسرها، بسبب رفضها الاقتيات، ولاصطدامها بجدران الحوض بصورة مستمرة.[65]
القروش البيضاء الكبيرة كجاذبة للسوّاح
صاحب مركب يرمي بالطعم في الماء لاجتذاب القروش البيضاء الكبيرة إلى السوّاح المنتظرين داخل القفص الفولاذي.
قرش أبيض كبير يقترب من الغوّاصين القابعين داخل القفص الفولاذي، قبالة سواحل جزيرة الصباغ غربي رأس الرجاء الصالح، جنوب أفريقيا.
كان لسمعة القروش البيضاء الكبيرة المهيبة أثرٌ عظيم في جعلها تصبح من أهم مستقطبات السوّاح في مناطق انتشارها، وفي العادة فإن السائحين والهواة المخضرمون يفضلون الغوص والسباحة جنبًا إلى جنب مع أسماك القرش عامّة، إلا أن هذا يُعتبر أمرًا في غاية الخطورة مع القروش البيضاء الكبيرة بالذات، لذا لا يُسمح غالبًا إلا بالغوص داخل قفص فولاذي يمنع القروش من الوصول إلى البشر وإيذائهم، سواء عن عمد أو بغير عمد.
يُشاع الغوص القفصي قبالة سواحل إستراليا، وجنوب أفريقيا، وجزيرة گوادالوپيه المكسيكية، حيث تكثر القروش البيضاء الكبيرة، الأمر الذي جعل من العمل في مجال الغوص معها من أكثر الأعمال ربحًا في تلك الأنحاء من العالم.[66][67] من أبرز الأساليب التي يتبعها منظموا الرحلات وأصحاب القوارب لاجتذاب القروش، هي رمي الطعوم في الماء، وغالبًا ما تكون تلك أسماكًا مفرومة. كذلك فإن الغطّاسون يرمون طعم ما خارج القفص عندما يظهر القرش، ويجروه نحوهم ليجعلوا القرش يقترب قدر الإمكان، قبل أن يسحبوا الطعم إلى الداخل ليرحل القرش مجددًا، لكن في كثير من الأحيان لا يتوقف القرش بل يصطدم بالقفص، وعندها قد يحطمه ويقتل من بداخله، وفي أحيان أخرى يتم جرّ الطعم بمحاذاة القفص، كي يراقب الغطّاسون القرش من الجانب. تواجه هذه العملية عدّة انتقادات لاذعة، إذ أن بعض الخبراء يقول أن من شأنها أن تجعل القروش تعتاد وجود البشر في بيئتها الطبيعية، وأن تربط بينهم وبين الطعام، الأمر الذي يجعلها أكثر خطورة على حياة الإنسان. مُنع استخدام الطعوم لاجتذاب القروش في المكسيك تحت طائلة المسؤولية والملاحقة القانونية، لكنه ما زال أمرًا مباحًا في كل من إستراليا وجنوب أفريقيا.
ترفض جميع شركات السياحة أي اتهام يوجه إليها بسبب وقوع ضرر لأحد السائحين جرّاء هجوم قرش خلال إحدى الجولات التي تنظمها، وغالبًا ما يستند المستشارون القانونيون فيها إلى إحصائيات تنص على أن احتمال إصابة أي شخص بصاعقة لهو أكبر من احتمال تعرضه لهجوم قرش.[68] كما يقول هؤلاء أنه ليس هناك أي أدلّة علمية تؤكد أن رمي الطعوم في الماء له تأثير على سلوكيات القروش، وإلى أن يتم إثبات ذلك فلا يمكن لوم أي شركة على ضرر وقع لأي سائح.[69] يقترح البعض إجراء تسوية بين الشركات السياحية والمطالبين بإلغاء هذه الممارسات، تضمن استمرار عمل الشركة وعدم التأثير على سلوكيات القروش أو تعريض حياة السائحين للخطر، وتتمثل هذه التسوية في جعل أصحاب القوارب أو قباطنتها يرمون الطعوم في الأمكنة حيث تكثر الأسماك طبيعيًا، بعيدًا عن المواقع السياحية حيث يستجم البشر، كذلك منع الغطّاسين من جرّ القروش إلى القفص باستخدام الطعم، وجعلهم يكتفون بمشاهدة الحيوان وهو يقتات على الأسماك المفرومة بمحاذاتهم، والتي لا يربطها بالبشر. يقول مقترحي التسوية أن كل هذا سيبقى مجرّد حبر على ورق إن لم يُصار إلى دعمه من قبل حكومات الدول المختصة، وإصدار قانون خاص يُنظمه.
تُساهم سياحة القروش بحماية هذه الحيوانات بشكل أو بآخر، فكونها أحد أكثر الأعمال ربحًا في البلاد حيث تنتشر القروش البيضاء الكبيرة يجعل أصحاب هذه الشركات، بل وحكومات تلك البلاد تنظر إلى القروش باعتبارها مصدر دخل مهم، فتعمل على حمايتها من الأخطار التي تتهددها. فعلى سبيل المثال، يصل سعر فك القرش الأبيض الكبير إلى 20,000 جنيه استرليني، لكن هذا يُعتبر مقدارًا ضئيلاً للغاية عند مقارنته بعائد يوم واحد من سياحة الغطس، ففي بلدة غانسباي بجنوب أفريقيا مثلاً، تُنظم جولات وعمليات غطس يومية في ستة قوارب يحمل كل منها 30 شخصًا، وتتراوح تكلفة الرحلة بين 50 إلى 150 جنيه استرليني للشخص، وبالتالي يمكن القول أن مجموع الأرباح اليومية لكل قارب يتراوح بين 9,000 و 27,000 جنيه استرليني