لقد منحت رواية الفك المفترس لبيتير بينكلي وفلم عام 1975 المأخوذ عنها للمخرج ستيڤن سپيلبيرغ للقرش الأبيض الكبير سمعته كضار آكل للبشر عند العامة أكثر من أي قصة هُجوم موثقة أخرى له.[54] لكن مع أن القروش البيضاء تقتل البشر أحياناً، فهي لا تستهدفهم في الوضع العاديّ، فمثلاً في البحر الأبيض المتوسط لم يُسجل سوى 31 هجوماً بشكل قاطع للقروش البيضاء خلال القرنين الأخيرين، ومُعظمها كان غير مُميت، إذ تبدو العديد من الحوادث كأنها مجرد عضات بسيطة لم يُقصد بها القتل إنما التعرف على الجسم، ومثل هذه العضات تعرف "بالعضات التجريبية"، وتستخدمها القروش البيضاء أحياناً على أشياء أخرى مثل العوَّمات وحطام السفن للتعرف عليها. أما الحوادث الأخرى فتبدو على أنها أخطاءٌ من القرش الأبيض في التعرف على طبيعة ما يُهاجمه، إذ يَنقض على راكب أمواج من الأسفل ظاناً أن لوح التزلج هو فقمة (التي تمثل جزءاً رئيسياً من غذائه الطبيعيّ) نظراً إلى شكل اللوح الشبيه بالفقمات عندما يُنظر إليه من الأسفل. كما تحدث العديد من الهجمات في مياه تكون ظروف الرؤية سيئة بها، أو تكون هناك ظروف أخرى تُضعف حواسَّ القرش، مما يجعل تمييز لوح ركوب الأمواج عن الفقمة أصعبَ عليه. فبشكل عام لا يَبدو أن هذه الحيوانات تفضل الإنسان كغذاء لها، أو على الأقل تعده غذاءً غير مألوف، وقد أظهرت البُحوث أن القروش تبدأ لذلك بعضة تجريبية لتعرف ما إذ كان الكائن مناسباً لها كطعام وهو ما يَعني قتله والتهامه أو ما إذا لم يكن كذلك. وعُموماً الأجسام البشرية عظميَّة جداً بالنسبة للقروش البيضاء، إذ أنها تُفضل التهام كائنات مليئة باللحم والبروتين كالفقمات.[55]
القرش الأبيض الكبير هو واحد من بين أربعة أنواع من القروش فقط سُجل لها عدد ملحوظ من الهَجمات المؤدية إلى وفيات على البشر.
لكن مع ذلك فقد افترضَ بعض الباحثين أن سبب قلة معدل الوفيات ليسَ أن القروش لا تُحب لحم البشر، إنما لأن البشر كثيراً ما يَكونون قادرين على الإفلات من القرش بعدَ العضة الأولى. لاحظَ أحد الباحثين في ثمانينيات القرن العشرين أن الغطاسين الذي يغوصون وحيدين ثم تُهاجمهم قروش بيضاء يكونون عُموماً قد "التهموا" جزئياً على لأقل، وأما أولئك الذين يكون معهم رفاق يغوصون في الوقت ذاته فإن رفاقهم يَحمونهم. ويَعتقد باحثون آخرون أيضاً أن الأسلوب النموذجيَّ عند القروش البيضاء هوَ شن هُجوم أوليٍّ لإنهاك الفريسة، ثم الانتظار حتى تضعف وتُصاب بالإنهاك قبل افتراسها. لكن قدرة البشر على الهُروب من مدى هجوم القرش بمُساعدة الآخرين تفسد الهجوم وتجعلل القرش يفشل في التهامهم، وهو أمر غير اعتياديٍّ عندَ فرائسه الأخرى.[56]
على أي حال فإن البشر ليسوا فريسة مُناسبة للقروش البيضاء لأن عملية الهضم عندها بطيئة جداً للتعامل معَ نسبة العظم إلى اللحم العالية في الجسم البشريّ، وبالنتيجة لذلك فإن القروش البيضاء في مُعظم هجماتها المسجلة للبشر تتوقف عن الاحتكاك مع الفريسة بعد العضة الأولى، وعادة ما تقع الوفيات نتيجة النزيف الشديد وفقدان الدم الذي تسببه العضة الأولية للقرش، بدلاً من أن تكون الوفاة بسبب خسارة أعضاءٍ حيويِّة في الجسم. وقد سُجلت بين عامي 2000 و2011 بالمجمل 66 حالة هجوم شديدة الإصابات للقروش البيضاء الكبيرة، بينها 14 حالة نتجت عنها وفيات فحسب.[56]
وثق ونشر أحد العلماء العاملين في مجال حماية القروش (جيمي هول) عام 2005 تجربة شخصية لمُصادمة له مع قرش أبيض كبير ضخم جداً في مياه جزيرة هاواي، وقد اكتسبت تجربته شهرة كبيرة عالمياً نظراً إلى أن المواجهة بينه وبين القرش كانت سلمية تماماً. ففي البداية كان يَتبع أسلوباً حذراً في الاقتراب من القرِش، لكنه سبحَ بجانبه بعد ذلك بدون قفص أو أي نوع من أنواع الحماية، بل ولمسه بنفسه مراراً خلال تصويره له بالفيديو.[57]