وأعاصير المحيط الأطلسي هي منخفضات جوية عميقة تتكون على السواحل الإفريقية الاستوائية من المحيط وتتحرك إلى الغرب لتصل إلى الشواطئ الجنوبية الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية وتسير إما شمالا بمحاذاة الساحل أو تعبر غربا نحو الولايات الجنوبية أو المكسيك. ويبلغ قطر الإعصار عدة مئات من الكيلومترات وينتقل بسرعة لا تزيد عن 30 كيلومترا في الساعة. وعين الإعصار (أو مركزه) هي منطقة هادئة لا يتجاوز قطرها عدة كيلومترات تحيط بها بعدها دائرة نشاط الإعصار وهي منطقة تمتد عشرات الكيلومترات للخارج تتلبد في سمائها غيوم كثيفة وسميكة مشبعة ببخار الماء وتهطل منها أمطارا غزيرة متواصلة (قد تزيد عن خمسمائة مليمتر) مصحوبة بالبرق والرعد وتزمجر فيها رياحا عاتية قد تزيد سرعتها عن ثلاثمائة كيلومتر في الساعة. وتؤدي الرياح القوية إلى هيجان البحر وتلاطم الأمواج العالية التي قد يصل ارتفاعها ستة أمتار فتهدم المنازل تدمر المنشئات وتقلع الأشجار وأعمدة الهاتف والكهرباء وتقتل الناس وتعطل الحياة. وتضعف قوة التدمير للإعصار كلما ابتعدنا عن مركزه.
ويستمد الإعصار طاقته من الشمس حيث تسقط أشعتها القصيرة التي على سطح البحر فتسخن الماء ويتبخر (يتحول إلى بخار) ويرتفع إلى الأعلى فيبرد ويتكاثف محررا الطاقة الحرارية (الكامنة) التي تتحول إلى طاقة حركية تدير الإعصار. لذا تخف حدة الإعصار وقوة تدميره إذا اتجه نحو اليابسة بينما يصبح أكثر عنفا إذا بقي مساره قريبا من البحر. وتبلغ فترة حياة الإعصار حوالي ثلاثة أسابيع ويموت بعيدا آلاف الكيلومترات عن موطن ولادته.
ولسهولة التعرف عليها ومتابعتها يطلق العلماء على الأعاصير أسماء علم. والأسماء عبارة عن قوائم معدة سلفا ومرتبة أبجديا (باللغة الإنكليزية) لأسماء ذكور وإناث بالتناوب. وعند تشكل الإعصار يتم تسميته حسب الدور ويبقى هذا الاسم معه حتى يتلاشى وهكذا. وتحتوي القائمة حوالي مائة وستون أسماء وعند نفاذ توزيع الأسماء تتكرر التسمية من نفس القائمة. وإذا كان الإعصار مدمرا لدرجة كبيرة وكان عدد الوفيات التي سببها عاليا أعتبر أسم ذلك الاسم مشؤوما وتم شطبه من القائمة واستبداله باسم آخر من نفس الجنس وبنفس الحرف المشطوب للحفاظ على التسلسل الأبجدي لقائمة الأسماء.
والإعصار إيزابيل الذي ضرب الولايات المتحدة خلال اليومين الماضيين ترك خلفه 25 قتيلا والحق أضرارا مباشرة تقدر بمليارات الدولارات وعطل الحياة في العديد من الولايات الشرقية. وقد شهد العالم العديد من الأعاصير التي خلفت العديد من الضحايا وألحقت أضرار بالغة بالاقتصاد للدول التي ضربتها. ويتم التنبؤ بحركة الإعصار بدقة ويتم متابعة حركته بالأقمار الصناعية إلا أن قوته تتغلب في كثير من الأحيان وتسود على قوة الإنسان واستعداده.
ويضرب المناطق المدارية من العالم نوعا آخر من العواصف يسمى الزوابع أو العواصف القمعية (بكسر القاف) Tornado وهي منخفضات جوية صغيرة جدا تسير أحيانا بمجموعات لا يزيد قطر الواحدة منها عن 300 مترا وتنتقل بسرعة كبيرة على شكل دوامة من الغيوم تشبه القمع (المحقان) تمتد من سطح الأرض إلى ارتفاع عدة كيلومترات يصحبها الرعد والبرق والأمطار الغزيرة أحيانا. وسرعة الرياح المصاحبة لهذا النوع من العواصف أقوى من تلك المصاحبة للأعاصير وقد تصل أحيانا أربعمائة كيلومتر في الساعة. وتميز هذه العواصف أيضا بوجود تيارات صاعدة قوية تندفع من مركزها إلى الأعلى مما يعطيها طاقة قدرة كبيرة على حمل الأشياء التي تعترض طريقها فتراها تقلع الأشجار وتحملها بعيدا وتقلب السيارات والمركبات وتدمر المساكن المتنقلة وتقلع الأشياء غير المثبتة جيدا وتلقي بها بعيدا. وعلى عكس الأعاصير فإن العواصف القمعية تتولد وتوت فوق اليابسة ولا تتجاوز فترة حياتها عدة دقائق. وحجمها صغيرا فلا تلتقطها الأقمار الصناعية الخاصة الطقس.
ومثل هذه العواصف نادرة الحدوث في بلادنا إلا أنه قد تم رصد أحدها في ربيع عام 1995 في (خربة الوهادنة) وخربة الوهادنة قرية وادعة تشرف على الأغوار وتقع على مسافة عشر كيلومتر غرب قلعة الربض في عجلون. وقد راقب العديد من أهالي القرية بذهول عصر إحدى الأيام العاصفة وهي تعبر الأحراش المقابلة لبلدتهم متجهة نحو الشرق على شكل قمع هائل من الغيوم والأتربة وأغصان الأشجار وسمعوا هديرا قويا يصاحب حركتها. وقد قام الكاتب في اليوم التالي بتتبع مسار العاصفة والتقط صورا للدمار الذي أحدثته في طريقها وشاهد أشجار السنديان وقد اقتلعتها العاصفة من جذورها أو كسرت ساقها كما تكسر قلم الرصاص بيديك[justify][b][i]