الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الله عز وجل: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ. {البقرة:187}
فميقاتُ الصومِ معلوم قد فرضه الله عز وجل بما لا يجوزُ معه الزيادة عليه والنقص منه، وقد شرعَ اللهُ الصومَ لحكمٍ بالغة وهي تهذيبُ نفوس العباد، وتصفيةُ نفوسهم، وتنقيةُ قلوبهم من دخائل الشر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. {البقرة:183}
فلم يشرع الله الصوم ليشق على العباد أو يعنتهم، وقد كان الصوم قبل أن يفرض على هذه الكيفية يجبُ بأحد أمرين، إما النوم بعد المغرب أو صلاة العشاء لا بطلوع الفجر، فرحم الله هذه الأمة وخفف عليها، ووسع لها في الأكل والشرب طيلة الليل، فماذا يسعك إذا لم يسعك ما وسَّع الله عز وجل؟
فهذا الذي ذكرته مما لا يجوزُ لمسلمٍ أن يفعله بحال فهو تلاعبٌ بالدين وتعدٍ لحدود الله، وقد قال تعالى: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ {الطلاق 1}
ثم إن الأجر علي قدر النصب، قد قال صلى الله عليه وسلم: من صامَ رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
ومعنى الاحتساب ألا تستثقل الصيام ولا تتبرم به، لكن من صام ثم شق عليه الصيام مشقة غير محتملة كأن خشي مع الصيام الهلاك أو نحو ذلك فله أن يفطر ثم يمسك باقي اليوم، وعليه قضاء ذلك اليوم ، نسأل الله أن يهدينا وإياك سواء السبيل.
والله أعلم.